benchakchak

VIP-Blog de louma6

benchakchak
VIP Board
Blog express
Messages audio
Video Blog
Flux RSS

55 articles publiés
0 commentaire posté
1 visiteur aujourd'hui
Créé le : 18/06/2007 23:35
Modifié : 18/11/2009 11:10

Garçon (40 ans)
Origine : casa
Contact
Favori
Faire connaître ce blog
Newsletter de ce blog

 Août  2025 
Lun Mar Mer Jeu Ven Sam Dim
282930010203
04050607080910
11121314151617
18192021222324
252627282930


| Accueil | Créer un blog | Accès membres | Tous les blogs | Meetic 3 jours gratuit | Meetic Affinity 3 jours gratuit | Rainbow's Lips | Badoo |


 

القيادة التربوية في أزمنة التـرشـيد

21/11/2007 08:45

القيادة التربوية في أزمنة التـرشـيد


قع العربي العملاق 21/11/2007 القفص الذهبي منتديات بريد
 
 
 القيادة التربوية في أزمنة التـرشـيد!  
 
 ة المكرمة - سـعود بـن مسـاعد القنـاو

 

من المشكلات التي تواجه القادة التربويين في فترات الترشيد مشكلة كيفية المحافظة على تعاون وأداء مجموعة المعلمين المحبطين.
ويعني التربويين من نقص في الأجهزة والأدوات المساعدة لمعالجة تلك المشكلة الخطيرة فهل يستطيع جراح أن يعالج مريضاً دون أجهزة وأدوات معينة؟ وإذا لم يتوفر لديه ذلك، فإنه يقوم بإعطاء علاج لا يساعد على شفاء المريض.
وعلى الرغم من أن رواتب المعلمين تعد معقولة في الوقت الحاضر مقارنة باقرانهم الجامعيين الملتحقين بمهن أخرى، إلا أن الروح المعنوية للمعلمين متدنية مما جعل الكثير منهم يملون التدريس ويحاولون بشتّى الطرق التهرب منه لوظائف أخرى في المجال التربوي، وغيره ونلحظ أن هناك كثيراً من التذمر والشكوى بسبب الظروف المحيطة بالعمل في بعض المدارس وفي أوقات الرخاء يكون من الميسور عادة اللجوء للمكافآت الملموسة المتصلة بالرواتب والمنافع الأخرى والكتب والإمدادات المادية والرحلات، أما في أوقات التقشف فإن القادة يجدون أنفسهم مضطرين لخفض المكافآت النقدية الملموسة، ويجتهدون لتركيز انتباه معلميهم على غير الملموسات كالاعتراف كتابة بالجهود التي يبذلونها، ومنحهم الفرص للإنجاز وممارسة المزيد من المسؤولية وإبداء روح الصداقة والاعتبار الشخصي نحوهم، وعلى أية حال، فإن غير الملموسات من هذا النوع يمكنها أن تمثل بدائل مؤقتة للمكافآت والحوافز الملموسة، غير أن الحرمان من المستوى المعيشي اللائق مضافاً إليه بيئة العمل غير المرضية ولفترات قد تطول، لا يؤديان إلا لعدم الرضا المتزايد من جانب المعلمين.
الأساس النفسي للقيادة
إن دور القيادة التربوية في حقب التقشف في ضوء علم النفس التحفيزي، يستند إلى خمسة افتراضات تتعلق بالمهنيين وكيفية ارتباطهم بالعمل، وهي:
أولاً: الناس جميعاً يريدون الحصول على أشياء معينة من واقع حياتهم العملية ومن بين هذه الأشياء:
1- الإحساس بالرضا النفسي.
2- العيش الخالي من الهم الاقتصادي.
3- العيش والعمل في بيئة خالية من الأخطار الخاصة بالصحة البدنية والذهنية.
4- حرية الإبداع.
ثانياً: معظم ما يرغبه الناس في الحياة يتحقق من خلال العمل، إما مباشرة أو بطريق غير مباشر، والناس العاملون يقضون حوالي الثلث من كل يوم، ابتداءً من السبت وحتى يوم الأربعاء، في أماكن العمل كما أن ما لا يتيسر إنجازه من أعمال في ساعات العمل يُحمل غالباً إلى المنازل لينجز هناك. أي أن العمل يمثل الجزء الأكبر من حياة معظم الناس.
ثالثاً: أن مدى الحرية التي يعمل بها الشخص لإنجاز مهام عمله ومدى تحقيق الغايات من ذلك العمل، يعتمد في جانب منه على إحساسه بأهمية تلك المهام. فإذا كان إحساس الأشخاص بالمهام التي يؤدونها والغايات التي يرمون إليها إيجابياً، فإنهم سوف يعملون بجدية لإنجاز هذه المهام إنجازاً حسناً. أما إذا كان هذا الإحساس سلبياً فإنهم ينكفئون للوراء ويميلون لإنجاز الحد الأدنى المقبول من العمل.
رابعاً: المهام العملية لابد من ارتباطها بأهداف معينة، ومتى كانت هذه هي الحال فإن العاملين يصبح لديهم إحساس طيب تجاه أعمالهم ويدركون أنها ذات معنى وغاية.
خامساً: إنجاز الأعمال يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحاجات الشخصية للعاملين، فالذين ينتجون أكثر من مستواهم يستحقون نصيباً أكبر من المكافأة عن الذين هم أقل إنتاجاً، ذلك أن توزيع مكافآت العمل بالتساوي بين أناس ينتجون بمستويات مختلفة لا يؤدي لتشجيع العاملين ذوي الإنتاج كما أنه لا يشجع ذوي الإنتاج المتدني على الاجتهاد لرفع مستوى إنتاجهم المتوقع.
مبادئ القيادة
من الافتراضات سالفة الذكر، يمكننا استخلاص مبادئ قيادية محددة من شأنها المحافظة على مستوى أداء العاملين أو زيادته في أوقات التقشف وبالتحديد فإن هذه المبادئ هي:
1- أن نجعل العائد الشخصي غير الملموس بالنسبة للعمل أكثر وضوحاً ورؤية من ذي قبل (1أ).
2- أن نجعل مهام العمل وبيئته أكثر جاذبية (2أ).
3- أن نجعل من أهداف العمل وتحقيقها شيئاً ذا جاذبية أكبر (3أ).
4- أن نربط بين مهام العمل وإنجاز الأهداف المحددة لها (4أ).
5- أن نربط تحقيق أهداف العمل بالعائد الشخصي (5أ).
العلاقات بين هذه المبادئ الخمسة كما هي مبينة في (الشكل أدناه) توضح لنا أن العائد الشخصي هو النتيجة النهائية المرجوة من النشاط العلمي. فإذا توقع الناس العائد المناسب وتسلموه بالفعل نظير ما قدموا من جهد وما أنجزوا من أهداف، فإنهم سوف يقدمون بذلك مقادير عالية من الطاقة (المجهود) في إنجاز مهامهم. ومتى انهارت أي من هذه المبادئ يصبح هبوط مستوى الأداء أمراً متوقعاً.
ونأتي بعد ذلك إلى بعض المقترحات الخاصة باستخدام هذه المبادئ وقبل الكلام عن هذا الجانب، يمكن القول بأن القادة المبدعين من ذوي البذل يتسمون بالقدرة على النظر بعناية في الظروف والأحوال المحيطة بعملهم، وإدخال وتطوير الاستراتيجيات المناسبة لتلك الظروف والأحوال.. والمقترحات هي:
المبدأ الأول: أن نجعل العائد الشخصي غير الملموس من العمل أكثر وضوحاً ورؤية:
من السمات المستديمة للإنسان الرغبة في استبدال المكافآت والحوافز غير الملموسة بالمكافآت المادية من النوع الاجتماعي. فعلى القائد التربوي المسؤول إذاً أن يستثمر هذه السمة بالتركيز على مكافآت اجتماعية من النوع الذي يبعث الرضا في نفس المعلم، كالمشاركة في فعالية اجتماعية هامة وما يتاح من حرية لتحقيق المصالح الشخصية وممارسة المنافع والهوايات خلال العطلات والإحساس الطيب للإبداع والإنجاز، وكذلك فرص العمل مع الآخرين ممن يحملون القيم والفضائل نفسها. وهذه الحوافز يمكن جعلها أكثر وضوحاً ورؤية بعمل احتفالات مشتركة للمعلمين والطلاب والترويج لدى المجتمع للنشاطات المستمرة الخاصة بالمعلمين والطلاب.
المبدأ الثاني :أن نجعل مهام العمل وبيئته أكثر جاذبية:
إن مهام التدريس يمكن تقسيمها إلى مهام تعليمية ومهام مرافقة للمهام التعليمية. فالمهام التعليمية هي (تلك المهام التي يؤديها المعلم لتحقيق أهداف تربوية)، والمهام المرافقة للتعليم هي (تلك الواجبات والمسؤوليات اللازمة للتشغيل السليم للمدرسة)، وهي الخاصة بأشياء مثل (المهارات الطلابية، الحضور والغياب، المتابعة، اجتماعات الآباء والمعلمين) وكذلك الاجتماعات الفردية مع الآباء وبعض الواجبات مثل حالة القاعات والصف المدرسي.. إلخ. هذا بجانب نشاطات اللجان من مختلف الأنواع. وهذه المهام، التعليمية منها والمرافقة تؤدي جميعها دورها في البيئة التي يشترك في إعدادها وتهيئتها القائد التربوي والمؤسسة التعليمية نفسها واللوائح والتنظيمات ومطالبات وتوقعات المجتمع، وأهم عامل في هذه البيئة هو القائد التربوي. فهذا القائد التربوي أو التعليمي يمكنه أن يجعل من المدرسة إمّا مكاناً جذاباً يصلح وإمّا مكاناً يتم فيه تبادل الوقت بالأجر لا غير. وفي أزمنة «التقشف» يجب على القائد التربوي أن يعمل على زيادة الدافع الذاتي لدى المعلمين وضمان رضاهم.
ومما يجدر بالقائد التربوي فعله في هذا المضمار:
-معاملة المعلمين كمهنيين باحترام كفاءتهم في تخطيط وتنفيذ الاستراتيجيات التعليمية الصحيحة، مع تجنب ملاحظات الفصول الدراسية التي ربما لا تخدم غرضاً سوى خلق الإحساس بوجوده لا غير.
- أن يراجع ويعيد تنظيم الفصول الدراسية للحد الممكن، وأن يسمح للمعلمين بتدريس العلوم التي يفضلونها.
- أن يوفر أوجه العون والمساعدة الفنية للبرامج الاختيارية.
- أن يقلل من المعوقات الطلابية للعمل بالتعامل بفاعلية أكثر مع التلاميذ المشاغبين ومراعاة الاحتفاظ بعلاقة منتظمة.
- أن يقوم بتوفير مكان جذّاب ومريح للاستراحات بين الدروس.
- أن يكافىء المعلمين على الأعمال الإضافية التي عادة ما تكون غير محببة إليهم.
- أن يعمل على زيادة انتماء المعلمين النفسي للمدرسة بطلب آرائهم ونصحهم ومشورتهم فيما يخص سير المدرسة.
المبدأ الثالث: وضع أهداف أكثر جاذبية للعمل:
الأهداف التربوية إلى حد كبير يتم تحديدها «سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة» بالاختبارات ذات المعايير الثابتة والكتب المقررة والقواعد التي تسنها الأجهزة ذات العلاقة، ومستقبلاً مجالس التعليم في المناطق وحيث إن المعلمين والإداريين لا يسهمون إلاّ بالقليل في تحديد هذه الأهداف التي يسعون لتحقيقها، فإنهم نتيجة لذلك يجدون صعوبة في الانتماء النفسي لكثير من هذه الأهداف وإلزام أنفسهم تلقائياً بإنجازها، وقادة التعليم بدورهم يمكنهم أن يفعلوا الكثير في سبيل مساعدة المعلمين على فهم الأهداف التربوية عن طريق إدارات التعليم في المناطق التعليمية.
وعلى القائد التربوي أن يضع الأهداف التربوية بوضوح أمام المعلمين، وأن يعينهم على ابتداع الوسائل الكفيلة بجعلهم يتبينون ويتأكدون بأنهم يقومون بالفعل بإنجاز هذه الأهداف كما هي. وعلى القائد التربوي كذلك أن يعمل مع المعلمين على استخدام الوقت الدراسي المحدد المخول لهم لتحقيق تلك الأهداف التي يعتقد المعلمون من جانبهم أنها مهمة في تعليم التلاميذ.
المبدأ الرابع: الربط بين مهام العمل وإنجاز الأهداف:
إن وعي التربويين بالمهام المحددة أمر يعد ذا أهمية بالنسبة لخلق الدافع للعمل لديهم. فالمهام المطلوبة داخل أي عمل من الأعمال إذا لم تكن لها علاقة واضحة ولصيقة بإنجاز أهداف معينة معلومة لدى العاملين فسوف يتم أداؤها بشكل غير متقن ومنفر. ولذا فإنه لخلق الدافع للعمل لدى المعلمين لابد من جعلهم يتبينون وجود علاقة لصيقة بين مهامهم التعليمية وسواها من جانب والأهداف المرجح إنجازها من الجانب الآخر.
وهناك عدد من المفاهيم المأخوذة من واقع البحث والتطبيق في مجال إدارة الأعمال خلال الربع الأول من هذا القرن، ويمكن أن تمد القائد التربوي بالإرشاد اللازم لتجلية واستظهار العلاقات المهمة بالهدف.
فلجان إثراء العمل والإدارة الجماعية ورقابة النوع كلها تختص بإشراك المعنيين من العاملين التابعين لمجالاتها في تحديد ما يجب إنجازه وكيفية إنجازه وما إذا كان المقصود تحقيقه قد تحقق بالفعل. وهذا النوع من المشاركة كفيل بإلزام المشاركين بالأهداف المحددة، والمهام المتعلقة بالعمل المقصود إنجازه، وهي بهذا تؤكد أن المشاركين على علم بالنتائج المرجوة والمعوقات والقيود التي قد تفتقر إلى الإنجاز في بعض جوانبه، وهي بالتالي تمد هؤلاء المشاركين بالحافز والدافع إلى البحث عن الوسائل الأكثر فاعلية في تحقيق الأهداف.
والقادة في مجال التعليم يمكنهم زيادة إسهام المعلم بإنشاء لجان مراقبة النشاطات المدرسية المختارة والمنوط بها مسؤولية تطوير ومراجعة أهداف المدرسة، وتقويم المواد والإجراءات اللازمة لتحقيق الأهداف المرسومة وتقصي مدى إنجازها ودراسة وسائل الحد من المشكلات الطلابية والروادع الأخرى المؤثرة إيجابياً على فاعلية التدريس والاطلاع.
هذا مع إعداد التوصيات اللازمة من أجل قيام المعلمين بإجراء التحسين والإصلاح في مجالات النقص. ومن ثم فإنه على القائد التربوي أن يقوم بما يلزم من إجراءات تنظيمية تمكن اللجنة من تنفيذ التوصيات وشحذ الموارد ومتابعة التنفيذ متعاوناً معهم لتقويم النتائج.
المبدأ الخامس: ربط إنجاز الأهداف بالعائد الشخصي:
إن تحفيز السلوك يتم في الغالب تجاهله أو مكافأته بمقدار غير كاف، فإذا أردنا حقاً استمرار السلوك العلمي المحكوم بأهداف العمل علينا تقديم المكافآت المناسبة.
والتربويون سواء المعلمون منهم أو الإداريون ظلوا لفترة طويلة يتجاهلون نظم المكافآت التفضيلية، فقد كان لمبدأ المعاملة المتساوية للإنجازات غير المتساوية أثره في عدم تشجيع النبوغ، ومكافأة الجميع مما يعد من العوامل الرئيسة المسببة لتدني وضع التعليم والمعلم في مجتمعنا.
وبما أن نظم الرواتب المبنية على الميزة تبدو غير واقعية في المناخ الاجتماعي السائد الآن، فإنه لا بد من اللجوء إلى استخدام وسائل أخرى، ومن بين هذه الوسائل ما يأتي:
1- إصلاح نظام التقويم بحيث يمكن أن ينال المعلمون المتميزون بتحقيق نتائج إيجابية مردوداً دائماً لهم في حياتهم مع التخلص من الفاشلين المقصرين «بعد بذل الجهد لإصلاحهم».
2- الإشادة بجهود المعلمين الذين وفقوا في تحقيق نتائج إيجابية في عملهم.
3- إتاحة الفرص للمعلمين المتفوقين ذوي النتائج الإيجابية في عملهم لتنمية مهاراتهم المهنية.
4- العمل على إيجاد نظام للترقي في السلم الوظيفي مبني على تحقيق النتائج الإيجابية.
وحتى يأتي الوقت الذي نتوقف فيه عن مكافآت المعلمين بصورة روتينية، وذلك بالحصول على درجة علمية إضافية أو إضافة عام جديد من سنوات الخدمة، ونتجه بدلاً من ذلك للمكافآت المبنية على تحقيق النتائج الإيجابية في العمل وإن لم يتحقق ذلك فإن بعض المعلمين لن يجدوا ما يدعو لزيادة فعاليتهم في العمل. فالقادة التربويون يجب أن يكونوا على استعداد لمكافأة المعلمين على أساس من النتائج المحققة.
إن التربويين سيظلون يعيشون في زمن يسوده التقشف خلال المستقبل المرئي. وبالتالي فإنه لن يكون ثمة ضرر من أن يقوم قادة التعليم بتكييف وتطويع وسائل تحفيزهم للمعلمين وفقاًلذلك. ولأن المكافآت الملموسة لم تعد متاحة بالقدر الذي كانت عليه سابقاً، لهذا يصبح لزاماً على قادة التعليم التركيز على المكافآت غير الملموسة.
نشر في مجلة (المعرفة) عدد (45) بتاريخ (ذوالحجة 1419هـ -أبريل 1999م)





 
 


 

الإدارة التربوية وبناء الإنسان

21/11/2007 08:41

الإدارة التربوية وبناء الإنسان


الإدارة عمل إنساني يتم بالإنسان ولصالحه، ويعتبر بناء الإنسان وصقل خبراته وتمكينه من الاعتماد على مكنون قدراته وطاقاته واحدا من أهم الأهداف التي يسعى المخططون التربويون إلى تحقيقها. والتربية في مضمونها العام هي جزء لا يتجزأ من العملية الإدارية بشكلها العام، فالإدارة هي تنظيم لمجموعة من الأعمال أو الأفراد الذين يكونون القاعدة العملية للمؤسسة، وبنفس القدر فإن عملية التربية في مجملها هي عبارة عن تنظيم وترتيب لسلوك الطلاب وإعدادهم ليكونوا أكثر تفاعلا مع مجتمعهم. الإدارة فطرة ويصف الدكتور محمد سليم العوا الإدارة بأنها فطرة لأن كل إنسان يمارسها، بل لعل كل مخلوق «متحرك» يمارسها: إن الحركة قرار يصدر عن إرادة، والسكون قرار يصدر عن إرادة، والكلام والصمت، والرضا والغضب والقبول والرفض كلها حركات تصدر عن الإرادة. وتنجح الإدارة- أو تعتبر كذلك- بمقدار ما تحقق من أهداف النشاط الذي تقوم عليه مؤسسات الصناعة الإنسانية وعلى رأسها مؤسسات التعليم والتدريب. أليس الفرد -حتى في خاصة نفسه- يمارس الإدارة كل لحظة من لحظات حياته تخطيطاً وتنفيذاً ومراجعة وتقويماً، ويتحمل نتائج هذه الإدارة وتبعاتها، إن خيراً فخير يجنيه، وإن سوءاً وشراً فمثلهما يناله؟ إدارة .. وإدارة وإذا كانت الإدارة التنافسية- القائمة على تطبيق نموذج الإدارة الصناعية - تهتم فيها كل مؤسسة بذاتها، وتحاول أن تجيد عملها لتحقيق أعظم فائدة ممكنة منه، ويسرها إخفاق المنافسين بقدر ما يسرها نجاحها، فإن الإدارة المعنية بالإنسان لا تدار بهذا التوجه ولا تحكمها هذه الروح ولكنها تدار بروح الرسالة التي ترمي إلى تحقيق الخير للناس كافة، والمشاركة في المنافع بين البشر جميعاً، وتستشعر أن نجاح الواحد نجاح للمجموع. من جهة التعليم وحين نحاول تطبيق هذه الفكرة على إدارة مؤسسات التعليم، أو المؤسسات المعنية بالصناعة البشرية بوجه عام، فإننا نبدأ وننتهي من حقيقة يدافع عنها بحرارة أحد أعلام التربية العرب المعاصرين- الدكتور أحمد المهدي- الذي يرى التعليم نسقاً ثقافياً يحرص القائمون عليه على أمرين متلازمين: أولهما، نقل الذاتية الثقافية للمجتمع- وهي التي تميزه عن غيره من المجتمعات- من جيل إلى جيل. وثانيهما، تجديد المتغيرات الثقافية في المجتمع وفقاً للتحديات التي يفرضها التطور العلمي والتكنولوجي والتقدم في مجال المعلومات والتواصل البشري. والمقصود بالمتغيرات الأساليب والوسائل والتقنيات التي تطبق في الحياة اليومية، والمقصود بالذاتية الثقافية الثوابت المميزة للأمة وأهمها: القيم الدينية والخلقية والاجتماعية، ولغة المجتمع، التي هي وعاء ثقافته. ولأن التعليم نسق ثقافي فإن أهم ما ينبغي أن تتجه الإدارة التربوية إليه هو تأصيل الذاتية الثقافية. فالثقافة مزية اختص بها الإنسان عن سائر الخلق بما أودعه الله فيه من قدرة على التفكير والإدراك والنظر والتذكير والتحليل والتعليل والتفسير والتجريد والتوقع والتخطيط والتواصل مع الآخرين والاعتماد المتبادل على الغير...الخ. وهي مفهوم تجريدي يستدل عليه بما هو كائن في عقول أبنائها من تصور للكون وخالقه، وللحياة وغايتها، ولمكانة الإنسان ودوره فيها، وما هو مستقر في وجدانهم من معتقدات وقيم، وما يقدمونه للإنسانية من ألوان المشاركة الفكرية والإبداع الفني والجمال. لذا فإن عملية اختيار القيادات التربوية تعد من أهم وأخطر العمليات الإدارية على الإطلاق.. فالتربوي القيادي هو من يبني شخصية مدير الغد ومخطط السياسات وموجه المجتمع. أسس هامة ومن الضروري جداً وضع المعايير والأسس المناسبة لاختيار القيادي التربوي حتى نضمن بناء صحيحا لقيادي المستقبل. ومن أهم الأسس التي يستوجب اتباعها من أجل ضمان ترسيخ مبدأ القيادة التربوية: - الإعداد السليم للقيادات التربوية. - تطبيق نظام القيادة الجماعية. - منح الإدارات التربوية جميع الصلاحيات اللازمة للعمل مع تكثيف أعمال المتابعة والتوجيه والتقويم المستمر. - تطبيق نظام التخطيط طويل المدى والمتوسط المدى وقصير المدى لتنظيم برامج عمل الإدارة التربوية. - تفعيل دور البحث التربوي لأنه أداة مهمة للتعلم الذاتي والتطوير السريع. - تعزيز إدارات التطوير التربوي وتنشيط دورها. - الاستفادة من التقنية الحديثة (الحاسوب) لتحقيق سرعة تبادل الخبرات وتوثيقها تدريب وإعداد الكوادر الإدارية: للتدريب أهمية قصوى في تفعيل وتنشيط الإدارة التربوية وبدونه لا يمكن ضمان إعداد الإداري الكفء القادر على القيام بواجباته التربوية المنوطة به. ومن أهم الفوائد التي يحققها تدريب الكوادر الإدارية: علاج القصور الإداري. تنمية القيادات التربوية فكريا ووظيفيا. تطوير المهارات الفنية للقيادي التربوي. كما يسعى التدريب إلى تمكين القائد التربوي من المهارات اللازمة لإدارة المؤسسة التربوية، مثل المهارات الفنية والفكرية والإدارية. الإدارة التربوية والمتغيرات التكنولوجية: أضافت المتغيرات العالمية والتكنولوجية أبعاداً جديدة على العملية التربوية، وأصبح من الضروري معها إعداد الإداري التربوي إعداداً يناسب تلك المتغيرات ويتفاعل معها، ولا يعقل أن ننتظر من إداري تربوي يعيش بأفكاره القديمة أن يكون لنا جيلا متناسقا مع التطورات التكنولوجية والعلمية الحديثة ما لم نقم بإعداده الإعداد الجيد الذي يضعه في خط متواز مع تلك التطورات. وأصبح من الضروري على التربويين أن يصمموا خططهم على أساس المتغيرات المحيطة بهم وعلى أساس الجو النفسي الذي يعيشه الطلاب من جراء ما يحيط بهم من متغيرات. ومن أهم المشكلات التي تواجه القادة التربويين مشكلة المحافظة على الجو النفسي للمعلمين و توفير الجو المناسب لهم ليشاركوا في العملية التربوية بقدر عال من الفاعلية والنضوج. صفات الإداري التربوي: لأن الإداري التربوي هو رأس الرمح في العملية التربوية فإنه يصبح من الضروري اتصافه بصفات أخلاقية وإدارية معينة من أهمها: أن تقوم شخصية القيادي التربوي على الإيمان الذي يجعل من القيادي التربوي شخصا متوازنا ومتصفا بكافة الصفات الإيمانية التي تبعده عن الشبهات. توخي الموضوعية في اتخاذ القرارات وعدم السماح للميول الشخصية بأن تسيطر على توجهاته وقراراته. الاعتدال والوسطية في حسم الأمور. انتهاج الأساليب العلمية في وضع وتبني الخطط الإدارية والتربوية. من هو الإداري التربوي الناجح؟ الإداري التربوي الناجح هو الذي ينجح في تحقيق أغراض رئيسية تتمثل في: 1- جعل مهام العمل وبيئته أكثر جاذبية. 2- الربط بين مهام العمل وإنجاز الأهداف المحددة. 3- الربط بين تحقيق أهداف العمل والعائد الشخصي.





 
 


 

الحياة المدرسية

21/11/2007 08:38

الحياة المدرسية


الحياة المدرسية

1-تعريف:

 الحياة المدرسية مناخ وظيفي مندمج في مكونات العمل المدرسي، ينبغي التحكم فيه ضمانا لتوفير مناخ  سليم وإيجابي، يساعد المتعلمين على التعلم واكتساب قيم و سلوكات بناءة. وتتشكل هذه الحياة من مجموع العناصر الزمانية والمكانية والتنظيمية و العلائقية والتواصلية والثقافية والتنشيطية المكونة للخدمات التكوينية والتعليمية التي تقدمها المؤسسة للتلاميذ.

 الحياة المدرسية حياة اعتيادية يومية للمتعلمين يعيشون أفرادا أو جماعات داخل نسق عام منظم، ويتمثل جوهر هذه الحياة المعيشة داخل الفضاءات المدرسية في الكيفية التي يحيون بها تجاربهم المدرسية، وإحساسهم الذاتي بواقع أجوائها النفسية والعاطفية.

 

2-مرتكزات الحياة المدرسية

يجب على المؤسسات أن تضمن احترام حقوق وواجبات التلاميذ وممارستهم لها وفق مبادئ هذا النظام الذي يرتكز على الثوابت العامة التالية:

1-مبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها الرامية إلى تكوين الفرد تكوينا يتصف بالاستقامة والصلاح ويتسم بالاعتدال والتسامح ويتوق إلى طلب العلم والمعرفة ويطمح إلى المزيد من الإبداع المطبوع بروح المبادرة الإيجابية والإنتاج النافع.

2-الالتحام بكيان المملكة المغربية العريق القائم على ثوابت ومقدسات يجليها الإيمان بالله وحب الوطن والتمسك بالملكية الدستورية.

3-المشاركة الإيجابية في الشأن العام والخاص والوعي بالواجبات والحقوق والتشبع بروح الحوار وقبول الاختلاف وتبني الممارسة الديمقراطية في ظل دولة الحق والقانون.

4-الوفاء للأصالة والتطلع الدائم للمعاصرة والتفاعل مع مقومات الهوية في انسجام وتكامل، وترسيخ الآليات والأنظمة التي تكرس حقوق الإنسان وتدعم كرامته.

5-جعل المتعلم في قلب الاهتمام والتفكير والفعل خلال العملية التربوية التكوينية حتى ينهض بوظائفه كاملة تجاه مجتمعه ودولته، ومن الثوابت تحدد حقوق المتعلم وواجباته في علاقاته مع مختلف المتدخلين التربويين والإداريين بالمؤسسة.

 

3-الحقوق والواجبات في الحياة المدرسية

 حقوق المتعلم:

الحق في التعلم واكتساب القيم والمعارف والمهارات التي تؤهله للاندماج في الحياة العملية كلما استوفى الشروط و الكفايات المطلوبة.

تمكينه من إبراز التميز كلما أهلته قدراته واجتهاداته.

تمتيعه بالحقوق المصرح بها للطفل والمرأة والإنسان بوجه عام كما تنص على ذلك المعاهدات والاتفاقات والمواثيق الدولية المصادق عدن المملكة المغربية.

تمتيعه بالمساواة وتكافؤ الفرص 1كرا كان أو أنثى طبقا لما يكفله دستور المملكة.

الاهتمام بمصالحه ومعالجة قضاياه التربوية والمساهمة في إيجاد الحلول الممكنة لها.

إشراكه بصفة فعالة في تدبير شؤون مؤسسته عبر ممثليه من التلاميذ.

تمكينه من المعلومات والوثائق المرتبطة بحياته المدرسة و الإدارية وفق التشريعات المدرسية.

جعل الإمكانات والوسائل المادية المتوفرة بالمؤسسة في خدمته في إطار القوانين التنظيمية المعمول بها.

فسح المجال لانخراطه في جمعيات وأندية المؤسسة ومجالسها كي يشارك ويساهم في تفعيلها.

حمايته من كل أشكال الامتهان والمعاملة السيئة والعنف المادي والمعنوي.

 

واجبات المتعلم:

الاجتهاد والتحصيل وأداء الواجبات الدراسية على أحسن وجه.

اجتياز الامتحانات والاختبارات وفروض المراقبة المستمرة بانضباط وجدية ونزاهة مما يمكن من التنافس الشريف.

المواظبة والانضباط لمواقيت الدراسة وقواعدها ونظمها.

إحضار جميع الكتب والأدوات واللوازم المدرسية التي تتطلبها الدروس بدون استثناء وتمييز.

الإسهام في التنشيط الفردي والجماعي داخل الفصل وفي الأنشطة المندمجة والداعمة.

المساهمة الفعالة في تنشيط المؤسسة وإشعاعها الثقافي والتعليمي والعمل على حسن نظافتها حفاظا على رونقها ومظهرها.

العناية بالتجهيزات و المعدات والمراجع والكتب والمحافظة على كل ممتلكات المؤسسة.

العمل على ترسيخ روح التعاون البناء وإبعاد كل ما يعرقل صفو الدراسة وسيرها الطبيعي.

الابتعاد عن كل مظاهر العنف أو الفوضى المخلة بالنظام الداخلي العام للمؤسسة.

معالجة المشاكل والقضايا المطروحة بالاحتكام إلى مبدأ الحوار البناء والتسامح.الامتثال للضوابط الإدارية والتربوية والقانونية المعمول بها، واحترام جميع العاملين بالمؤسسة والوافدين عليها.

المساهمة بإيجابية في كل ما يجعل المؤسسة فضاء له حرمته يحظى بالتقدير والاحترام.

احترام التعليمات المتعلقة بورقة الغياب وبطاقة التعريف المدرسية.

ارتداء ملابس لا تتنافى مع مقتضيات الحشمة والوقار ولا تتعارض مع أعرافنا وأصالتنا وهويتنا، وعلى التلميذات ارتداء بذلة موحدة(الوزرة).

 

4-المبادئ الأساسية لتطوير الأنشطة التربوية والثقافية والاجتماعية

 

المبدأ 1: الصبغة التربوية للأنشطة:

أن تندرج ضمن الغايات والأهداف المسطرة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين وفي المذكرات الوزارية و الجهوية والإقليمية.

أن تصبح الأنشطة مجالا لتنمية هذه الأهداف والغايات.

المبدأ 2: مراعاة مستوى الفئات المستهدفة: يجب الأخذ بعين الاعتبار سن التلميذ واهتماماته وحاجياته والواقع الثقافي الذي يعيش فيه.

المبدأ 3: تحديد أهداف أي نشاط بوضوح.

المبدأ 4: التنوع والتوازن خلال برمجة الأنشطة لتلبية حاجيات واهتمامات عدد كبير من المتعلمين يجب أن يكون هناك تنوع وتوازن بين الأنشطة الاجتماعية والثقافية والترفيهية والفنية والرياضية.

المبدأ 5: إشراك المتعلم بكيفية نشيطة في البرمجة والإعداد والتنظيم.

المبدأ 6: اختيار الفضاء المناسب تفاديا لأي ضرر للتلميذ، يجب أن تتم الأنشطة في فضاءات آمنة وصحية.

المبدأ 7: تحديد مسؤول أو مسؤولين عن كل نشاط.

المبدأ 8: تماشي الوسائل المادية و المالية والنشاط المزمع تنظيمه.

المبدأ 9: برمجة الأنشطة خلال الفترات التي لا تؤثر على السير العادي للدراسة.

5-مجالات التنشيط

الأنشطة الثقافية:

المكتبة المدرسية: مكتبة القسم، مكتبة المدرسة.

النوادي:نادي القصة، نادي الرسم،نادي السينما، نادي المسرح، نادي المعلوميات،....

المسابقات الثقافية.

الندوات والمحاضرات والموائد المستديرة.

متحف القسم، متحف المدرسة.

 

الأنشطة الاجتماعية:

التربية الأسرية، التربية البيئية، التربية الغذائية، التربية الطرقية.

الوقاية والتوجيه الصحي.

التدبير المنزلي.

الأشغال اليدوية.

التكافل الاجتماعي.

فرق عمل التحسيس بالآفات الاجتماعية وطرق محاربتها(الرشوة، السيدا، المخدرات، العنف، العنصرية،....)

 

الأنشطة الفنية:

التربية الموسيقية(الأناشيد، العزف، الغناء)

التربية التشكيلية.

العروض المسرحية.

 

الأنشطة الرياضية:

منافسات ومسابقات في الألعاب الفردية والجماعية محليا وإقليميا.

 

 المعامل التربوية:

 الحدادة، النجارة، التلحيم، الخياطة....

 

الإعلام المدرسي:

المجلة الحائطية.

المجلة المستنسخة.

الإذاعة المدرسية.

 

الأنشطة الدينية والوطنية:

تخليد المناسبات والأعياد الدينية والوطنية

 

الأنشطة الكبرى:

المهرجانات، أنشطة الهواء الطلق، الأيام الثقافية، الحفلات والمعارض، الأيام الوطنية والدولية....

المصدر





 
 


 

من أجل ميثاق وطني بين الأسرة والمدرسة

21/11/2007 08:37



من أجل ميثاق وطني بين الأسرة والمدرسة

المدرسة والأسرة شريكان أساسيان في التربية والتكوين

نجاة بطل

أكد المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمته جمعية ملتقى الأسرة المغربية بشراكة مع اتحاد العمل النسائي وجمعية أمل تحت شعار المدرسة والأسرة شريكان أساسيان في التربية والتكوين، يوم الجمعة 15 دجنبر 2006 بالمدرسة العليا للأساتذة، على أن الإشكالات التي تعاني منها المنظومة التربوية بالمغرب متعددة، حددها المشاركون في غياب الجودة وتغييب القيم والخلط في تصور الأدوار لكل من الأسرة والمدرسة، وضعف ومحدودية دور جمعيات أولياء التلاميذ في الحياة المدرسية والمنظومة التربوية• وأشارت العروض إلى أن المنظومة التربوية المغربية عانت من إنهاك وتراجع وعدم القدرة على التكييف والتطور، فأصبحت مع بداية الألفية الجديدة عاجزة تماما عن مواكبة الرهانات المجتمعية وعن تهييء الأجيال الناشئة للاندماج في مجتمع المعرفة• وحاول المشاركون مقاربة موضوع الشراكة بين المدرسة والأسرة، ورصد نقط الالتقاء في الأهداف التربوية، ورصد أوجه الاختلاف في أشكال تدخل المؤسسات والأطراف المعنية في عملية التنشئة الاجتماعية••• في محاولة للإجابة عن مجموعة من التساؤلات والإشكاليات الملحة منها: هل الأسرة شريك أساسي للمدرسة في عملية التنشئة وبناء المجتمع وتقدمه؟ وهل تتوفر كل من المدرسة والأسرة في مجتمعنا على مقومات تفعيل هذه الشراكة؟ بالإضافة إلى إشكالية الجودة والقيم والأخلاق في المنظومة التربوية والهدر المدرسي••• بخصوص إشكالية الجودة، أكد المشاركون أنه أصبح شعارا متداولا يهم كل الأطراف المعنية بهذه المنظومة سواء المدرسة أو الأسرة، وأنه رهان مشروع مرتبط بالتوصل إلى صياغة المشروع المجتمعي الحداثي الذي يتوافق عليه الجميع••• مما يطرح مسألة قابلية المنظومة التربوية للحكامة الجيدة• وأوضحوا أن مسار المنظومة التربوية تميز بالتذبذب والتعثر وغياب الاختيارات الاستراتيجية الكبرى؛ وبالتالي ضعف جودة ومردودية التعليم الناتجة عن ضعف وعدم ملاءمة الإصلاحات التي قدمت لعلاج اختلالات هذا النظام• كما اعتبروا أن العجز الذي راكمته البلاد في مجال المعرفة والتربية أدى إلى تأخر كبير في التنمية البشرية وفي الولوج لمجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة، حيث تضافرت مجموعة من العوامل العامة في إضعاف المدرسة العمومية وتردي خدماتها ومنها: الاستحقاقات السياسية المؤجلة، تركيز الصراع الإيديولوجي والسياسي لفترة طويلة حول المدرسة والتعليم وغياب تخطيط استراتيجي شامل للتربية والتكوين• واعتبر المشاركون أن إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية المغربية وتجويد خدماتها التربوية يرتبط ليس فقط بالإصلاحات الهيكلية، ولكن أيضا بترسيخ الطابع المحلي والجهوي لمنظومة التربية والتكوين والعمل على تفعيل مبدأ المدارس المستقلة والدفع باللامركزية وباللاتركيز إلى أقصى حد• كما أكد المشاركون على أنه رغم الجهود المبذولة في مضمار نشر ثقافة الجودة الشاملة في كل مستويات منظومة التربية والتكوين، لاتزال هناك مواطن قصوركبيرة في ميدان ولوج المعرفة وإنتاجها ونقلها وتعميمها، وذلك في كل أشكالها: التعليم والتربية، القرائية، الإنتاج الثقافي والبحث العلمي• ومن المحاور المهمة التي أثارت نقاشا مستفيضا خلال هذا اليوم، إشكالية القيم والأخلاق في المنظومة التربوية• وأوضح المشاركون أنه رغم كل المجهودات المبذولة، ما تزال ثقافتنا المدرسية غير قادرة على تكوين إنسان مؤهل لقراءة العالم ومتغيراته وتعدديته، لأنها ترى الأشياء برؤية أحادية ثابتة لا تقبل التعدد والاختلاف، كما أن أغلب مفاهيمها ساكنة غير متحركة• وأبرزوا غياب مفهوم التسامح في هذه الثقافة، نتيجة افتقار المناهج الدراسية إلى مادة معرفية توضح للمتعلمين مفهوم الثقافة واختلافها بين المجتمعات، مما يؤدي إلى انتهاك بعض المقررات الدراسية لمبادئ التسامح••• وبخصوص الوضع اللغوي في المغرب، أوضح المشاركون في اللقاء أنه وضع محكوم بنوع من التعددية غير المعقلنة• وأن ما يحياه المغرب في مستوى الوضع اللغوي من تنوع أو تعدد ينبغي أن يكون مصدر ثراء للشخصية وللثقافة المغربيتين، وعنصرا لازما لتعميق المصالحة مع الذاكرة الجمعة والذات والتاريخ ولمزيد من الانفتاح على الآخرين ولمزيد من تعميق الحاجة إلى ثقافة الاختلاف الخلاق والمنتج• من هذا المنظور، أكد المشاركون أن العقلنة تقتضي أن تظل اللغة العربية اليوم هي اللغة الرسمية، بما أنها لا تتعلم خارج المدرسة، فهي تنتج المساواة في الدولة وتجاهها، وهو ما يتطلب تعميقا فعليا وحقيقيا للتعليم في كل أرجاء المغرب• وتطرق المشاركون لموضوع التدخل التنشئوي بين الأسرة والمدرسة، وأشاروا إلى أن مشروع التربية والتكوين لم يتعرض بكيفية مباشرة إلى الأسرة ودورها، وجاء الانتباه إلى هذا النقص متأخرا بعد الميثاق الوطني للتربية والتكوين• وفي هذا السياق، أكد المشاركون على أن تطور العملية التعليمية مرتبط بتدخل الطرفين الأسرة والمدرسة• كما أكدوا على تكامل التدخلين رغم اختلافهما على مستوى الوسائل والسلوكات• وشدد المشاركون على ضرورة تكريس مأسسة جديدة للترابط الضروري بين المؤسسة التعليمية ومؤسسة الأسرة وتوفير شروط ومناخ وآليات هذه المأسسة؛ وذلك في إطار انفتاح المؤسسة على محيطها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، وكذلك في إطار إعادة التكامل والتناغم بين الأسرة والمدرسة من أجل استحضار الأسرة بشكل مستمر عبر إرساء سلوكات جديدة وثقافة جديدة تقرب المدرسة من الأسرة وتدمجها في محيطها، وتمد جسور التواصل والتعاون بين المدرسة والأسرة، وتفعل مساهمة الأسرة في الأنشطة التعاونية بالمؤسسة، وتشركها في أدوار الحياة المدرسية لتكسير الحواجز النفسية، وتفعيل وتيرة إصلاح المدرسة وإعداد مواطن صالح ومسؤول• وفي سياق استعراض أوجه الخلل في المنظومة التربوية، اعتبر المشاركون أن الهدر المدرسي ظاهرة معقدة ومعضلة تعيق نمو الفرد واندامجه في المجتمع• وتم استعراض بعض النسب الخاصة بالانقطاع عن التمدرس استنادا إلى معطيات رسمية تبين شبه انقطاع عن الدراسة في مجموع المرحلة الابتدائية بالمغرب• وأرجعوا ذلك لسباب اجتماعية واقتصادية وتربوية، كطغيان المناهج التقليدية التي تشل إبداع المتعلمين، المقررات المكثفة والجافة، الاكتظاظ الحاصل في المدرسة، وأنظمة الامتحانات التي تغفل قرارات المتعلم طيلة السنة الدراسية• بالإضافة إلى طبيعة ونوعية العمل التربوي الذي يعرف اضطرابا وتباينا، خاصة في المجال القروي نتيجة النقص الحاصل في المدارس الموجودة بالدواوير والتي لا تتعدى 33%، غياب البنية التحتية للمدارس المتوفرة والخلل الحاصل في البنية التربوية كعدم توفر بعض الأسلاك التعليمية، عدم ملاءمة التنظيم المدرسي كالتوقيت واستعمالات الزمن والعطل وخصوصيات الأوساط القروية، مما تسبب في بروز ظواهر تربوية سلبية كالغزوف عن التمدرس أو الانقطاع والرسوب المتكرر••• هذا إلى جانب المفارقة الحاصلة بين بعض مضامين المناهج الدراسية والقيم الراسخة في الثقافة القروية، وضعف الخدمات التربوية المقدمة كالمطاعم المدرسية غير الكافية والتي لا تتوفر على الشروط الضرورية الغذائية والصحية• فضلا عن النقص المسجل في المدارس الداخلية في كل مستويات التعليم وأحيانا انعدامها في بعض المناطق مع عدم توفر المؤسسات على قاعة للاستراحة يمكن للتلاميذ، خاصة الفتيات، المكوث فيها ما بين الفترتين الصباحية والمسائية عوض البقاء في الخارج، نظرا لبعد المنازل عن المدرسة• كما تم، حلال هذا اللقاء، استعراض بعض التجارب الرائدة في المؤسسات التعليمية كتجربة مركز الاستماع والإرشاد بثانوية ابن الهيثم بالدار البيضاء وجمعية آباء وأمهات التلاميذ بمدرسة العرفان بالرباط ومجالس التدبير والنوادي التربوية ببعض المؤسسات التعليمية• وخلال النقاش تم الطرق إلى عدة قضايا تتعلق بالمنظومة التربوية وهي مشاكل ذات وجه اجتماعي وأخلاقي كغياب التربية على المواطنة حيث لازالت العديد من السلوكات لا تعكس المضمون الجديد للتربية على المواطنة، والانضباط داخل المؤسسة التعليمية والضمير المهني وتدبير الملف الاجتماعي ودور الأسرة وجمعيات الآباء والمجتمع المدني والأطراف الاجتماعية، أي المهنيون الممثلون في نقابات المهنيين والإدارة المتمثلة في الوزارة الوصية• كما تمت الإشارة إلى مشكل الفئوية والمزايدة في تدبير الملف الاجتماعي الذي يذهب ضحيته المتلقي• وانتهى اللقاء بإصدار مجموعة من التوصيات كتأسيس ميثاق وطني بين المدرسة والأسرة لتحديد مهام والتزامات كل مؤسسة في النهوض بالمنظومة التربوية، دعوة المدرسة إلى احتضان الأطفال وتنشئتهم على قيم المواطنة والمشاركة والتضامن، اعتماد ثقافة الجودة في المناهج والمقررات التربوية وإدراج مادة الثقافة فيها لإذكاء روح المبادرة والإبداع لدى الأطفال، تكريس تعميم التعليم لماله من أثر إيجابي على تدبير التعدد اللغوي، تفعيل مجالس التدبير بإشراك جميع مكوناتها، الاهتمام بالكتاب كآلية من آليات تحقيق الجودة من خلال تأسيس نوادي القراءة والكتابة بشراكة مع المجتمع المدني، مأسسة مراكز الاستماع والنوادي التربوية كآلية من آليات الحد من ظاهرة الهدر المدرسي• وأخيرا، تجاوز النظرة المقاولاتية في تدبير جمعيات آباء وأمهات التلاميذ•




 
 


 

الحياة المدرسية ورشة التربية على المواطنة وتحقيق

21/11/2007 08:34



الحياة المدرسية ورشة التربية على المواطنة وتحقيق التنمية -1-

 

                              الزبير مهداد

 

كان اختراع المدرسة عملاً ذكيًا بامتياز، فالمجتمع الإنساني حين قرر أن يبتكر مؤسساته التي يضمن بها استمراره وبقاءه وتطوره لم يجد خيرًا من المدرسة، فأحدثها وقرر أنظمتها وحدد وظيفتها وأوكل إليها النشء لتتعهده بالتربية والتعليم.

 


لكن المجتمع الذي يراهن على المدرسة كمؤسسة ضامنة لبقائه وتطويره وتجديده برعاية ناشئته وتوريثها المعارف وأنماط الحياة، فإنه لا يعتمد في ضمان هذا البقاء على نقل المعرفة عبر الأجيال بشكل فاتر، فهذا النقل التقليدي للمعرفة لا يرضي طموحات المربين ولا يستجيب لتصورات الساسة؛ لأنه لا يتيح للمجتمع فرص التجدد ولا يلبي حاجته إلى التطور والتقدم. فمن أبرز عيوب العمل المدرسي الذي ينصب على تقديم المعرفة وتشريبها للناشئة أنه لا يولي كبير عناية لعناصر الشخصية.
إن وظيفة المدرسة خطيرة يميزها موضوعها الذي هو الإنسان الذي تحضنه في أكثر مراحل حياته أهمية. والمدرسة تميزها أدواتها ووسائلها وهي المعارف والقيم وأهدافها التي هي تكوين المواطن من حيث هو إنسان عارف وعامل وحامل لقيم ومبادئ؛ لذلك يحرص المفكرون والقادة على الاتفاق حول مشاريع مجتمعية ترسم غايات العمل التربوي وأهدافه، وسمات الشخصية الفردية التي ينبغي أن تكون نتاج هذه التربية، مساهمة منهم في تأسيس مداميك التنمية والتطور والتقدم الاجتماعيين.

 


مكانة المدرسة في المشروع المجتمعي

 


إن أي مجتمع لا يمكنه أن ينشئ أجياله ويعدهم الإعداد الملائم المحقق لغاياته ما لم يكن له مشروع مجتمعي واضح ومخطط بعناية يحدد التحديات التي يروم التغلب عليها وما يبتغيه من إعداد أجياله وطرق التنشئة الملائمة التي تضمن بلوغ الغايات. وإن أمتنا الساعية بخطى حثيثة نحو إرساء قواعد مجتمع ديمقراطي تسوده العدالة ويحقق التقدم والرخاء والاستقرار السياسي والاجتماعي يجب أن يراهن على المؤسسة التربوية في سبيل بلوغ ذلك.

 


وإذا كان المشروع المجتمعي يجعل التخطيطات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية لإعداد النشء (عملية واعدة وراشدة وهادفة، تنطلق من آمال المجتمع وطموحاته وتأخذ بعين الاعتبار إمكاناته وقدراته، فالمشروع المجتمعي هو نتاج التفكير الواعي والمنظم، يوجه خطط المجتمع وبرامجه الاجتماعية، وهو نابع من سياسته وإيديولوجيته ويعبر عن أهدافه البعيدة)(1) فإنه يعتمد في سبيل بلوغ ذلك على المؤسسة المدرسية التي تجعل أنواع المعرفة وطبيعة القيم والمبادئ التي يتوقع أن يحملها الناشئ محددة وواضحة وقابلة للتحقيق، معروضة وفق ترتيب متدرج يراعي مستويات نمو الناشئة وطبيعة الحياة المدرسية، والوسائل التعليمية المتاحة، والظروف الثقافية والسياسية المحيطة وغير ذلك من الشروط.

 


فكيف يمكن لمؤسساتنا التربوية العربية الإسهام بفعالية في سبيل تحقيق المشروع المجتمعي الديمقراطي الذي يسوده الأمن والاستقرار ويسعى بخطى حثيثة لتحقيق التنمية والتقدم؟

 


الحياة المدرسية وبناء الديمقراطية

 


إن المدرسة هي القناة الرسمية لإعداد العناصر البشرية المهيأة لممارسة السلوك الديمقراطي والمشاركة الفعالة في مجتمعها وفقًا للمبادئ والقيم الديمقراطية(2).

 


وفي الحياة المدرسية كما في الحياة الاجتماعية يتطلب إقرار الديمقراطية إشراك الجميع وإسهامه في بناء صرح العلاقات التربوية بكل حرية وتلقائية، وتجديده وترسيخه بالحوار والنقاش الحر والتلقائي والمسؤول، ضمانًا لتحقيق الوئام وتبادل التقدير داخل المجتمع الصغير. فالتربية على المواطنة تبدأ من هذه النقطة وتتأسس عليها. ولا يمكن للعلاقات التربوية المدرسية التلقينية المنغلقة على نفسها واللامبالية بالآخر وبحقوقه وبثقافته، أن تدعي القدرة على التنشئة الحضارية التي نروم تحقيقها في مجتمعاتنا العربية. فلابد من إحلال طرق تعليم بديلة للطرق التلقينية التي لا تسمح بتبادل العلاقات بين المعلم والمتعلم، وتتيح للتلاميذ ممارسة حقهم في أن يشاركوا أو يناقشوا أو يمارسوا أو يعملوا فكرهم فيما يتعلمون، وتكرس في نفوسهم الإيمان بحق الاختلاف وجدوى الحوار الثقافي وقيمة التواصل الحضاري والتبادل المعرفي المجرد من كل تعصب وغلو أو أنانية أو انغلاق.
ومن باب التربية على الديمقراطية وثقافة المواطنة ترسيخ قيم التعاون والتضامن والمشاركة، وعلى المدرسة أن تعكس ذلك في مناهجها وممارساتها اليومية. فمن المعلوم أن عملية التربية لا تقوم على النقل المباشر للمعارف وتعليمها، وقيم التكافل والتضامن لا يمكن تحفيظها للتلاميذ في شكل منظومات أو أراجيز. فبذر هذه القيم يتم من خلال إشاعتها في الحياة المدرسية وفي العلاقات التربوية بين المعلمين والتلاميذ على اختلاف طبقاتهم وانتماءاتهم الاجتماعية وأصولهم الثقافية، قد يتحقق ذلك بنسب متواضعة من خلال أعمال الإحسان ومشاعر العطف والمودة التي يجب أن يتحلى بها المعلم تجاه تلاميذه ويبديها نحوهم، ولكنه يترسخ ويثبت في ظل العلاقات التشاركية التي تسود المؤسسة المدرسية، وفي ظل تواصل تبادلي حر وإنساني بين المعلمين والتلاميذ وبين التلاميذ أنفسهم. فينبغي للمدرسة أن تجعل التعليم يعتمد أساسًا على التنشيط الذي تكثر فيه فرص التواصل الحر ومبادلة العلاقات التربوية والاجتماعية التي تتيح بروز مشاعر التضامن والتعاون والتكافل الفطرية الكامنة في الناشئة وتنميها حتى يكتسي سلوك الصبي طابعًا أخلاقيًا فاضلاً، ويكتسب حدًا أدنى من الحس الاجتماعي ويقدر القيم المجتمعية الدينية.

 


كما يجب لفت النظر إلى أن إحلال القيم الديمقراطية والتربية على حقوق الإنسان وترسيخ قيم المواطنة في الجو المدرسي لا ينبغي أن يكون ظرفيًا، محكومًا بمناسبات خاصة، كما هو سائد اليوم في أكثر مدارسنا، بل يجب أن يتم بصيرورة مستديمة تعبر بصدق عن انفتاح المدرسة وارتباطها بالتغيرات الاجتماعية.

 


المدرسة وتشكيل نظام القيم

 


دور المدرسة في بناء قيم صالحة لتشييد صرح البناء الاجتماعي السليم والمتطور، وقدرة المدرسة على إشاعة القيم النبيلة في الجسد الاجتماعي يعتمدان حتمًا على بناء وتشكيل نظام القيم في الناشئة وصيانة القيم الاجتماعية والإنسانية الخاصة بمجتمعنا العربي، فلا ينبغي الركون إلى قدرة آلية تعاقب الأجيال على نقل هذه القيم، فهذه القدرة ضعيفة وغير محصنة لأنها تخضع لتأثير العوامل الاقتصادية والإكراهات التاريخية التي لا تقوى الأجيال على التغلب عليها، مما يؤثر حتمًا في نوعية القيم المنقولة والمشكلة والمتطورة.

 


والمدرسة التي يعول عليها المجتمع ويعقد عليها آماله في إعداد الناشئة، قادرة بما أوتيت من وسائل بشرية وإمكانات، على أن تؤدي وظيفتها على أكمل وجه. لهذا ظل المربون والمفكرون والباحثون منذ عقود كثيرة من الزمن يؤكدون أن تحقيق الديمقراطية وإرساء القيم الأساسية للمشروع المجتمعي الديمقراطي مرهونان إلى حد كبير بتحقيق الديمقراطية في المؤسسة التعليمية التربوية. ويبينون في الوقت نفسه أن التربية على قيم المواطنة لا يمكن أن تتحقق من خلال دروس الشأن العام وحدها، فرغم أهمية هذه الدروس وقيمتها المعرفية، فإن التربية على قيم المواطنة يحتاج تحققها إلى عمل مكثف ومجهود متواصل لإرساء القيم التي تكتسي أهمية خاصة توازي بل تفوق أهمية المعرفة المدرسية، لأن جميع المعارف المدرسية يجب أن تخضع للقيم وتتضمنها، كما يجب تضمين القيم في كل الأنشطة التربوية المدرسية اليومية الأخرى وكل النظام التربوي المدرسي برمته حتى يتحقق الأمر المنشود(3).

 


وقد جاءت توصيات وقرارات المنظمات الدولية الوصية على قطاع التربية والتعليم في العالم مثل: منظمة اليونسكو واليونسيف ومكتب التربية العالمي وغيرها - تدعو إلى تضمين البرامج التعليمية والكتب والوسائل القيم الكفيلة بتكوين المواطن الحر والمتضامن والمسؤول والمتفتح الذي يقدر قيمة الحرية ويحترم كرامة الإنسان ويؤمن بحق الاختلاف. لأجل ذلك تدعو إحدى وثائق اليونسكو إلى العناية بالمقاربة التعددية في مجال اكتساب المعارف، التي تقتضي دعم نمو الفرد وتعزيز إيمانه بقدراته الذاتية واستقلاليته واحترام الآخرين وتطوير معنى المسؤوليات الاجتماعية في سياق التعاون والتآزر والاستقلال المتبادل(4).

 


وعلم النفس التربوي - وهو أحد أهم وسائل وأدوات اشتغال المدرسة - يضع في مقدمة أهدافه تشكيل نظام القيم بحيث يسهل انتقال مفاهيم القيم في المجتمع والأهل إلى الأطفال مع الحرص على حماية قدرة الطفل على الإبداع وتطوير المفاهيم.

 


المدرسة مدعوة للعناية بالطفل ورعاية الناشئة، وتشكيل نظام القيم حلقة من حلقات هذه الرعاية، فنظام القيم المرتبط بالمعايير الاجتماعية يشكل الإطار المرجعي للسلوك والتنشئة. وبقدر رعايتنا واهتمامنا بالطفولة يرتفع مستوى تشكيل وبناء جهاز القيم، مما ينعكس إيجابًا على الهدف الأسمى، هدف النهوض بالمجتمع.

 


وفيما يلي تحديد لبعض المحطات التي يمكن الوقوف عندها بانتظام في مسيرة تنشئة الطفولة لبناء سلم القيم بطريقة ذكية وثابتة. ومن هذه المحطات:

 


٭ تعزيز صورة الذات لدى التلميذ: (إثارة الطموح، مساعدته على التحرر والاستقلالية).

 


٭ بث روح المسؤولية: (الإحاطة بالمثل العليا).

 


٭ محاربة التعصب (دعوته إلى المشاركة في المواقف الاجتماعية).

 


تحسين صورة الذات لدى التلميذ

 


يجب على المدرسة أن تعمل على تعزيز صورة الذات لدى التلميذ، وفي إمكان المدرسين ذلك، من خلال مساعدة الطفل على تكوين ورسم صورة مقبولة ومحبوبة عن ذاته، ويزودونه من خلال مواقفهم اليومية بمواصفات وأبعاد الصورة التي تشكل الأساس للشخصية، حتى يكتشف الطفل تفرده عن غيره ومزاياه ومهاراته التي تميزه ويختص بها. فكل تلميذ يمتلك خصائص فريدة من نوعها ومواهب شخصية وخيالاً وطباعًا وعواطف وقوى للملاحظة، وقابلية للتحرير والتحليل والإنتاج(5)، ويكون ذلك كله مصدر اعتزازه ومطية تواصله وتفاعله مع غيره.

 


فالتلميذ يتقبل من أول وهلة الشخصية التي يعطيها له المحيط، ويقوم عادة بالدور الذي تحدده الشخصية التي غالبًا لم يخترها إنما فرضت عليه، فالمدرس الذي يردد باستمرار أمام تلميذه أنه غبي وكسول، سيؤدي حتمًا بالتلميذ إلى أن يتصرف بإيحاء من هذه الصورة، فالصورة السيئة تحبط عزيمة التلميذ وتشوه تنشئته وتشل فيه كل عزيمة أو طموح.

 


ولا ينبغي أن يفهم من تعزيز صورة الذات تضخيمًا للأنا، أو احتقارًا للآخر وتجاهلاً له أو إنكارًا لطقوسه وعاداته، والتغاضي عن إبصار أو إدراك أي حقيقة أخرى خارج الذات، فهذا هو التعصب وبداية الطريق للتطرف. لأنه يعوق التفاهم والتعايش والتواصل مع الآخرين.

 


إثارة الطموح

 


إن إثارة الطموح لدى التلاميذ الصغار يؤثر في تعزيز صورة الذات لديهم، كما يؤثر في مستوى طموحهم عندما يشبّون وفق ما يتلقون من إثارة محبطة أو مشجعة. كما أن مستوى الطموح يوازي درجة هذه الإثارة، وذلك كله يرسم لهم نمط الحياة الشخصية ومسارها في المستقبل، فيكفي أن يوحي المدرس أو المدير أو غيره للتلميذ قولاً أو فعلاً بأنه لا يصلح للدراسة حتى يدمروا طموحه ويخنقوا طاقاته ويبقوه طوال حياته في المراتب الدنيا؛ بينما بالإثارة المشجعة تعزز المدرسة صورة الذات المكتسبة وتحرك في التلميذ دينامية طامحة تسعى لتجسيد أنماط الشخصية الإيجابية المو صوفة والمقتدى بها(6).

 


إن تأهيل الموارد البشرية رهين بمدى الإرادة الذاتية والمبادرة المقدامة التي يمكن أن يتوفروا عليها، وسبيل ذلك تحرير الطاقات الكامنة في الناشئة لتأهيلهم لخوض أوراش الإنتاج بتنافسية واقتدار والمساهمة في تنمية المجتمع والمضي به قدمًا على درب التقدم والرخاء.

 


مساعدة التلميذ على التحرر والاستقلال

 


لا يمكن تعزيز صورة التلميذ عن ذاته أو إثارة طموحه إلا في جو من الحرية والثقة والمحبة. ومن ذلك إتاحة الفرصة للتلميذ للتعبير عما يريد، وحثه على إبداء رأيه في كل المشكلات المطروحة للنقاش، واحترام الرأي الذي يعبر عنه، وتعويده وتشجيعه على اتخاذ القرار بنفسه بعد توضيح مبرراته وحيثياته وموجباته. وفي ذلك تلبية لحاجات الأطفال إلى الاستقلال التي تعد بحق أهم حاجاتهم النفسية خلال الفترة العمرية التي يشارفون فيها مرحلة المراهقة. فالتعامل مع الأطفال يجب أن يأخذ بعين الاعتبار حاجاتهم، كما يجب أن يتأسس على معرفة بطبيعة نموهم ومطالبه.
المعلم يجب أن يتعرف التطورات الحالية في الصحة النفسية والعقلية، ونمو الطفل وحاجات المراهق والشاب ودينامية الجماعة، ويرد الحاجة إلى الفردية، ويساهم في تحرير المدرسة التقليدية المحافظة من تزمتها وتمحور أنشطتها حول المادة التعليمية، ويساهم في تنمية الروح الاستقلالية والعزائم الخلاقة ليقدم بذلك جيلاً قادرًا على إحداث التنمية الاجتماعية المنشودة(7).

 


فوظيفة المعلم هي أن يساعد التلاميذ على مواجهة مشاكلهم لا إلى حلها بالنيابة عنهم، ودفعهم إلى إصدار القرارات التي تهمهم بدل التقرير نيابة عنهم وفرض اختياراته في غيبتهم. ومن خلال ذلك نستطيع أن نصل بأطفالنا في سن مبكرة إلى ممارسة مفهوم المسؤولية والواجب في السلوك والتصرفات، مما يؤدي إلى امتلاك الاعتماد على النفس والسيادة الذاتية، وبالتالي إلى أداء الدور الاجتماعي الرائد بحيث يساهم في صون المجتمع من كل انكفاء أو اتكال.
يتبع..................

بث روح المسؤولية

 


والتدريب على بث روح المسؤولية يقتضي منا تكليف التلميذ بين الفينة والأخرى بتنفيذ واجبات تكبر وتسمو بمستواها بحسب سن التلميذ ونضوجه البدني والعاطفي والانفعالي، وبحسب خبرته الاجتماعية، ولا ينبغي أن تقتصر هذه الواجبات على المهام التعليمية المدرسية، بل يجب أن تكون مهمات ثقافية وفنية واجتماعية كتأطير جماعة من الرفاق أو المشاركة في تدبير مرفق جمعوي، أو تسيير حساب وتنظيم نفقات حفل مدرسي، أو قيادة فريق بحث أو غير ذلك، لتحسيسه بقدرة وتنمية روح المسؤولية لديه، وزيادة ثقته بنفسه، وإتاحة فرصة الشعور بلذة الانتصار عند نجاحه في أداء مأموريته، وفي ذلك ما فيه من إثارة الطموح وتعزيز صورة ذاته لديه.

 


ففي هذه الأنشطة والأدوار تعويد للتلميذ على احترام الأنظمة مما يعد خطوة أساسية في تشكيل معايير السلوك والمحافظة على حقوق الآخرين، وعلى استمرار التواصل بينهم؛ من أجل ذلك ينبغي التعامل بثبات مع هذا الموضوع حتى تترسخ لدى التلميذ قواعد السلوك وأسس النظام، وهذا يتطلب أن يكون المدرسون قدوة.

 


إحاطة التلميذ بالمثل العليا

 


وهذا المطلب يؤكد أهمية وجود أنماط ونماذج سلوكية في حياة التلميذ يقتدي بها وتوضح له بطريقة غير مباشرة المبادئ والمواصفات المرغوب التحلي بها.

 


فمن المعلوم أن التقليد يؤدي دورًا مهمًا ومؤكدًا في اكتساب التلميذ من خلال محيطه الأمثلة والأنماط السلوكية، فالامتثال مهم ولازم وضروري في سبيل التعلم والتطبيق والتعزيز؛ لذلك ينبغي إحاطة المتعلم بالمثل العليا التي تشكل الإطار المرجعي في السلوك والقواعد والمعايير التي على أساسها ينبغي أن تتخذ المواقف. فهذه المثل العليا ستكون منطلقًا لتكوين الصورة المرغوبة عن الذات من خلال الطموحات المتسامية باستمرار.

 


محاربة التعصب

 


التعصب هو ممارسة الاتجاه النفسي الجامد المشحون انفعاليًا، أو ذلك الحكم المسبق الذي لا يقوم على سند منطقي ويحاول صاحبه تبريره ومن الصعب تعديله. والتعصب نقيض الديمقراطية وآفتها، لأنه شعور مرضي يفتك بالمجتمع ويدمر فيه روابط الألفة والمحبة والتعايش.
وفي كثير من فصولنا الدراسية تشيع هذه الاتجاهات النفسية الجامدة والمشحونة انفعاليًا، وكثيرًا ما نروج أو نسمح بترويج أحكام مسبقة ضد أشخاص أو أفكار دون أن تقوّم تلك الأحكام على حجة معقولة أو سند منطقي مقبول، وكثيًرا ما يتعلم منا أطفالنا التعصب، بوعي منا أو في غفلة عنا، حين لا نبدي احترامًا لاختيارات تلاميذنا وأذواقهم، ونرفض تقبل الاختلافات، أو لا نخلق بطرقنا التعليمية وعلاقاتنا بأطفالنا أجواء التسامح في فصولنا الدراسية(8). والحق أن الديمقراطية تترعرع على الاختلاف، وحقيقة أن محك احترامنا للآخرين هو قابلية المرء لتقبل الاختلاف، واحترام الآخرين يعني احترام الاختلاف، حيث إن الآخرين ليسوا مثلنا، وتقبل الاختلاف الحقيقي هو امتحان لاحترام الآخرين.
والتعصب أنواع؛ يكتسبه الفرد خلال التنشئة ولمقاومته نغرس في التلاميذ حب التآخي الاجتماعي، وندفعهم إلى الانخراط في الأندية والجمعيات التربوية التي تمارس الانفتاح بالممارسة قولاً وفعلاً، فيتربى التلاميذ في جو منفتح وسليم. فالتسامح والانفتاح هما من أزكى الأخلاق الإسلامية، فالتسامح هو بحث عن الأعذار للذي يخالفك وأن تتجاوز عن المسيء، وتصفح وتمقت الانتقام أو الثأر.
ولا يفهم من تربية الاختلاف تكوينًا للفرد على أن يختلف بتفرده هو فقط، بل هي تربية على أن يقبل تفرد غيره واختلاف الآخرين معه، ويتفتح عليهم، ومدافعًا عن حقهم في الاختلاف(9).

 


أنشطة

 


إن الأنشطة التي يمكن للمدرسة أن تقررها وتضمنها القيم السالف ذكرها وتحقق الغايات التي تم إحصاؤها والتنويه بها في متن المقال كثيرة ومتعددة ومتنوعة، ولن تعدم المدرسة فرص تقريرها وتنظيمها، ومن هذه الأنشطة نذكر على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
٭ تشجيع التلاميذ على الانخراط في الجمعيات التربوية التي تعمل وتنشط في كنف المؤسسة المدرسية، أمثال: جمعيات التعاون المدرسي والأندية الرياضية والثقافية المدرسية، وإشراكهم في تسييرها وتدبير شأنها.

 


٭ إشراك التلميذ في الاجتماعات المدرسية التعليمية والتربوية والتأديبية، وإسناد أدوار ومهام ضمن الاجتماعات لتحسيسه بأهمية رأيه وتحميله حصته من المسؤولية في تسيير شأن مؤسسته.
٭ تنظيم النشاطات الكبرى من حفلات ومهرجانات ومعارض واستعراضات، وجعل التلاميذ محور كل هذه النشاطات التي تقام في المدرسة.

 


٭ تنظيم المحاضرات والندوات وحلقات التدريس الجزئي باستغلال مناسبات الأعياد والأيام الوطنية والدولية.
٭ إحداث قنوات اتصال ووسائل إعلام وتثقيف رخيصة وميسورة مثل المطبوعات والنشرات الإعلامية الموجزة والملصقات والمطويات التي ينبغي إعدادها بعناية وإتقان وبإشراك التلاميذ.
فالجمعيات التربوية والأندية تتيح الفرص الذهبية للتلاميذ لتبادل الزيارات والتعارف والاشتراك في الحفلات وحلقات النقاش والتفاعل والاحتكاك بالآخر، وتدفعه إلى عمليات جديدة من الاكتساب مما يساعده على بلورة شخصيته وعلى اتخاذ المواقف التي تصقل هذه الشخصية وتوضح توجهاتها، حتى تتعزز قدرتها على التأثر والتأثير والتفاعل ويتعزز الانتماء للمجتمع، وتتعزز القناعة بأن الانعزال والهامشية والتعصب خطر على المجتمع؛ حتى تترسخ قيم التضامن التي يرتهن بها تأهيل الموارد البشرية.

 


الهوامش
1- أوزي، أحمد: أي شباب لأي مجتمع في مستهل الألفية الثالثة - مجلة علوم التربية مجلد 3 عدد 21 أكتوبر 2001م.

 


2- الطراف، عبدالوهاب: التربية والديمقراطية. جريدة الاتحاد الاشتراكي 21 غشت 2001م.
3- راجع: مكسي، محمد إصلاح التعليم والتربية على المواطنة، جريدة الاتحاد الاشتراكي 2 نوفمبر 2000م.
4 - وثيقة (المبادئ الموجهة للتربية على القيم المخصصة للارتقاء بالبعد الإنساني والدولي للتربية) الصادرة عام 1988م.

 


5- كانتور، نثايل : المعلم ومشكلات التعليم والتعلم، ترجمة حسن الفقي وفرنسيس عبد النور: دار المعارف، القاهرة 1972م ص 102.

 


6-
Chakour.J: L elaboration du systeme des valeurs. In culture psychologique 8 t2 .(1991)

 


7- كانتور، نتايل مرجع سابق ص 103.

 


8 - كانتور، نتايل مرجع مذكور ص 143.

 


9 - الانتصار، عبدالمجيد: تربية الاختلاف مقالة بجريدة الاتحاد الاشتراكي 21 دجنبر 2000 .

 

 

http://achabab.blogspot.com/2006/10/blog-post_116093236396795962.htmlالمصدر:





 
 

Début | Page précédente | 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 | Page suivante | Fin
[ Annuaire | VIP-Site | Charte | Admin | Contact louma6 ]

© VIP Blog - Signaler un abus